ســـــــــــنابل مــــنتدى الزراعـــــــــيين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عبد الله بن عمرو بن العاص

اذهب الى الأسفل

عبد الله بن عمرو بن العاص Empty عبد الله بن عمرو بن العاص

مُساهمة  عادل التونى الخميس أغسطس 28, 2008 12:55 pm

عبد الله بن عمرو بن العاص

رضي الله عنه


فهل لك إذن في خير الصيام ، صيام داود "
" كان يصوم يوماً ويفطر يوماً
حديث شريف


عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل القرشـي ، يُقال كان اسمه العاص فسمّاه
الرسول -صلى الله عليه وسلم- عبدالله ، وقد سبق أباه عمرو بن العاص للإسلام
ومنذ أن أسلم لم يعد الليل والنهار يتّسعان لتعبّـده ونسكـه ، فعكـف على القرآن
يحفظه ويفهمه ، وجلس في المسجد متعبدا ، وفي داره صائما و قائما ، لا ينقطع
عن الذكر أبدا ، وإذا خرج المسلمون لقتال المشركين خرج معهم طالبا للشهادة000


تَعَبُّدِه
كان عبد الله -رضي الله عنه- إذا لم يكن هناك خروج لغزو يقضي أيامه من الفجر الى الفجر في عبادة موصولة ، صيام وصلاة وتلاوة القرآن ، ولسانه لا يعرف إلا ذكر الله وتسبيحه واستغفاره ، فعلم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بإيغال عبد الله بالعبادة ، فاستدعاه وراح يدعوه الى القصد في العبادة فقال الرسول الكريم :( ألَم أخْبَر أنك تصوم النهار لا تفطر ، وتصلي الليل لا تنام ؟000فحَسْبُك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام )000فقال عبد الله :( إني أطيق أكثر من ذلك )000قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :( فحسبك أن تصوم من كل جمعة يومين )000قال عبد الله :( فإني أطيق أكثر من ذلك )000قال رسول الله :( فهل لك إذن في خير الصيام ، صيام داود ، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً )000

وعاد الرسول -صلى الله عليه وسلم- يسأله قائلا :( وعلمت أنك تجمع القرآن في ليلة ، وإني أخشى أن يطول بك العمر وأن تملَّ قراءته000اقرأه في كل شهر مرة000اقرأه في كل عشرة أيام مرة000اقرأه في كل ثلاثٍ مرة )000ثم قال له :( إني أصوم وأفطر ، وأصلي وأنام ، وأتزوج النساء ، فمن رغِبَ عن سُنَّتي فليس مني )000

ولقد عَمَّـرَ عبد الله بن عمـرو طويلا ، ولمّا تقدمـت به السـن ووَهَـن منه العظـم ، كان يتذكر دائما نُصْـحَ الرسول فيقول :( يا ليتني قبلـت رُخصـة رسـول اللـه )000


الكتابـة
قال عبدالله بن عمرو :( كنتُ أكتب كلَّ شيءٍ أسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أريد حفظه ، فنهتني قريش فقالوا :( إنّك تكتب كلَّ شيءٍ تسمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورسول الله بشرٌ يتكلم في الغضب والرضى )000فأمسكت عن الكتاب ، فذكرت ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال :( اكتب ، فوالذي نفسي بيده ما خرج منّي إلا حق )000
قال أبو هريرة :( ما كان أحدٌ أحفظ لحديث رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- منّي إلا عبدالله بن عمرو ، فإنّي كنت أعي بقلبي ، ويعي بقلبه ويكتب )000
وعن مجاهد قال : دخلتُ على عبدالله بن عمرو بن العاص ، فتناولتُ صحيفةً تحت رأسه ، فتمنّع عليّ فقلتُ :( تمنعني شيئاً من كتبك ؟)000فقال :( إنّ هذه الصحيفة الصادقة التي سمعتُها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس بيني وبينه أحد ، فإذا سَلِمَ لي كتاب الله ، وسلمتْ لي هذه الصحيفة ، والوَهْط -وهو بستان عظيم كان بالطائف لعبد الله- لم أبالِ ما صنعتِ الدنيا )000


فضله
قال عبد الله بن عمرو بن العاص :( ابن عباس أعلمنا بما مضى ، وأفقهنا فيما نزل مما لم يأت فيه شيئاً )000قال عكرمة : فأخبرتُ ابن عباس بقوله فقال :( إنّ عنده لعلماً ، ولقد كان يسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الحلال والحرام )000

علمه
قال عبد الله بن عمرو :( إنّ هذا الدّينَ متينٌ فأوغلوا فيه برفق ، ولا تُبَغِّضوا إلى أنفسكم عبادة الله عزّ وجلّ ، فإنّ المنبتَّ لا بلغ بُعْداً ، ولا أبقى ظهراً ، واعملْ عملَ امرىءٍ يظنّ ألا يموت إلا هَرِماً ، واحذرْ حذرَ امرىءٍ يحسب أنّه يموتُ غداً )000
وقال :( لأن أكون عاشرَ عشرةٍ مساكين يوم القيامة أحبُّ إليّ من أكون عاشر عشرة أغنياء ، فإنّ الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال : هكذا وهكذا ، يقول : يتصدق يميناً وشمالاً )000
وقال عبد الله :( ما أعطي إنسانٌ شيئاً خيراً من صحّةٍ وعِفّةٍ ، وأمانةٍ وفقهٍ )000وقال عمرو بن العاص لإبنه :( يا بُنيّ ، ما الشرف ؟ )000قال :( كفّ الأذى ، وبذلُ الندَى )000قال :( فما المروءة ؟)000 قال :( عرفان الحق ، وتعاهد الصنعة )000قال :( فما المجد ؟)000قال :( احتمال المغارم وابتناء المكارم )000وسأله :( ما الغيّ ؟)000قال :( طاعةُ المُفْسِدِ ، وعصيانُ المُرْشِدِ )000قال :( فما البله ؟)000قال :( عَمى القلب ، وسرعة النسيان )000


خشية الله
مرّ العلاء بن طارق بعبد الله بن عمرو بن العاص بينما كان يُصَلّي وراء المقام وهو يبكي ، وقد كَسَفَ القمر -أو خَسَفَ القمر- فوقف يسمع فقال :( ما توقفك يابن أخي ؟ تعجب من أنّي أبكي ؟ والله إنّ هذا القمر يبكي من خشية الله ، أمَا والله لو تعلمون علم اليقين لبكى أحدكم حتى ينقطع صوته ، ولسجد حتى ينقطع صلبه )000

الوصية الغالية
رأينا كيف كان عبد الله بن عمرو مقبلا على العبادة إقبالا كبيرا ، الأمر الذي كان يشغل بال أبيه عمرو بن العاص دائما ، فيشكوه الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- كثيرا ، وفي المرة الأخيرة التي أمره الرسول فيها بالقصد في العبادة وحدّد له مواقيتها كان عمرو حاضرا ، فأخذ الرسول يد عبد الله ووضعها في يد عمرو بن العاص أبيه وقال الرسول له :( افعل ما أمرتك ، وأطِعْ أباك )000فكان لهذا العبارة تأثيرا خاصا على نفس عبد الله -رضي الله عنه- وعاش عمره الطويل لا ينسى لحظة تلك العبارة الموجزة000

موقعة صِفّين
عندما قامت الحرب بين طائفتين من المسلمين ، علي بن أبي طالب ، ومعاوية بن أبي سفيان اختار عمرو بن العاص طريقه الى جوار معاوية ، وكان يدرك مدى حب المسلمين وثقتهم بابنه عبد الله ، فحين همّ بالخروج الى صِفّين دعاه إليه ليحمله على الخروج الى جانب معاوية فقال له :( يا عبد الله تهيأ للخروج ، فإنك ستقاتل معنا )000وأجاب عبد الله :( كيف ؟000وقد عهد إليّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ألا أضع سيفا على عنق مسلم أبدا )000

وحاول عمرو أن يقنعه بأنهم إنما يريدون الخروج ليصلوا الى قتلة عثمان وأن يثأروا لدمه الطاهر ثم ألقى مفاجأته على ابنه قائلا :( أتذكر يا عبد الله آخر عهد عهده إليك النبي -صلى الله عليه وسلم- حين أخذ بيدك فوضعها في يدي وقال لك : أطِعْ أباك ؟000فإني أعزم عليك الآن أن تخرج معنا وتقاتل )000وخرج عبد الله بن عمرو طاعة لأبيه ، وفي عزمه ألا يحمل سيفا ولا يقاتل مسلما ، ونشب القتال حاميا ويختلف المؤرخون فيما إذا كان عبد الله قد اشترك في بداية القتال أم لا ، ونقول ذلك لأنه ما لبث أن حدث شيء عظيم جعل عبد الله يغير موقفه ويصبح ضد معاوية000


مقتل عمّار
لقد قاتل عمّار بن ياسر مع علي بن أبي طالب وقُتِلَ على يد جند معاوية ، ومن المعلوم لعبد الله بن عمرو بن العاص أن عمّارا ستقتله الفئة الباغية ، فقد تنبأ بذلك الرسول الكريم حينما كانوا يبنون مسجد الرسول في المدينة ، وكان عمّار يحمل الحجارة فرحا فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- وعيناه تدمعان :( ويْحُ ابن سُميّة ، تقتله الفئة الباغية )000

وسمع ذلك الصحابة وعبد الله معهم ، وهاهو عمّار تواصى بقتله جماعة من جيش معاوية فسدّدوا نحوه رمية آثمة ، استشهد منها عمّار بن ياسر ، وسرى خبر مقتله كالريح ، فانتفض عبد الله بن عمرو ثائرا مُهْتاجا :( أوَ قد قُتِلَ عمّار ؟000وأنتم قاتلوه ؟000إذن أنتم الفئة الباغية ، أنتم المقاتلون على ضلالة !!)000وانطلق في جيـش معاوية كالنذيـر ، يُثيِـط عزائمهم ، ويهتف بأنهم بغـاة لأنهم قتلوا عمّاراً ، وتحققـت نبوءة الرسول -صلى الله عليه وسلم-000


عبد الله و معاوية
وحُمِلَت مقالة عبد الله الى معاوية ، فدعا عمرو وابنه عبد الله وقال لعمرو :( ألا تكُفَّ عنا مجنونك هذا ؟)000قال عبد الله :( ما أنا بمجنون ، ولكني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لعمار تَقْـتُـلُكَ الفئة الباغية )000قال له معاوية :( فلم خَرَجْت معنا ؟)000قال عبد الله :( لأن رسول الله أمرني أن أطيع أبي ، وقد أطعتُه في الخروج ، ولكني لا أقاتل معكم )000

وإذ هُما يتحاوران دخل على معاوية من يستأذن لقاتل عمّار في الدخول ، فصاح عبد الله بن عمرو :( ائذن له ، وبشّره بالنار )000وأفلتت مغايظ معاوية على الرغم من طول أناته وسعة حِلُمه وصاح بعمرو :( أوتَسْمَع ما يقول )000وعاد عبد الله الى هدوء المتقين مؤكدا لمعاوية أنه لم يقل إلا الحق ، والتفت صوب أبيه وقال :( لولا أن رسول الله أمرني بطاعتك ما سرت معك هذا المسير )000وعاد عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- الى مسجده وعبادته ، ونجح معاوية وعمرو من السيطرة على الجيش وإفهامه أن من قتل عمّارا هم من خرجوا به الى القتال ، واستأنف الفريقان القتال000


الندم
وعاش عبد الله -رضي الله عنه- حياته لا يملؤها بغير مناسكه وتعبُّده ، غير أن خروجه الى صفّين ظل مبعث قلق له على الدوام ، وكلما تذكر يبكي ويقول :( مالي ولِصِفّين ؟000مالي ولقِتال المسلمين ؟)000
ذات يوم ، وهو جالس في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع بعض أصحابه مر بهم ( الحسين بن علي ) فتبادلا السلام ، ولما مضى عنهم قال عبد الله لمن معه :( أتحبون أن أخبركم بأحب أهل الأرض الى أهل السماء ؟000إنه هذا الذي مرَّ بنا الآن ، وإنه ما كلمني منذ صفّين ، ولأن يرضى عني ، أحب إلي من حُمر النَّعَم )000
واتفق مع أبي سعيد الخدري على زيارة الحسين ، وهناك تم لقاء الأكرمين ، وعندما ذُكِرَت صفّين ، سأله الحسين معاتبا :( ما الذي حملك على الخروج مع معاوية ؟)000قال عبد الله :( ذات يوم شكاني عمرو بن العاص الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال له :( إن عبد الله يصوم النهار كله ، ويقوم الليل كله ، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :( يا عبد الله صلّ ونم ، وصُم وأفطر ، وأطِع أباك ) ، ولما كان يوم صفّين أقسم علي أبي أن أخرج معهم ، فخرجت و لكن والله ، ما اختَرَطْت سيفا ، ولا طعنت برمح ، ولا رميت بسهم )000


الكعبة المشرفة
دخل عبد الله بن عمرو بن العاص المسجد الحرام ، والكعبة مُحَرّقة حين أدبر جيش الحصين بن نمير ، والكعبة تتناثر حجارتها ، فوقف ومعه ناسٌ غير قليل ، فبكى وقال :( والله لو أنّ أبا هريرة أخبركم أنّكم قاتلو ابن نبيّكم ، ومحرّقُوا بيتَ ربّكم لقلتم : ما أحد أكذب من أبي هريرة ، أنحن نقتل ابنَ نبيّنا ، ونحرق بيتَ ربّنا عزّ وجلّ ؟!000فقد والله فعلتم ، فانتظروا نقمة الله عزّ وجلّ ، فوالذي نفسي بيده ليَلْبِسَنَّكُمُ الله شِيَعاً ، ويُذيقُ بعضَكم بأسَ بعضٍ )000قالها ثلاثاً ثم نادى بصوتٍ فأسمع :( أين الآمرون بالمعروف ؟ والناهون عن المنكر ؟ والذي نفسُ عبد الله بيده لقد ألبسَكم الله شيعاً ، وأذاق بعضكم بأس بعض ، لبطنُ الأرض خيرٌ لمن عليها لمن لم يأمر بالمعروف ولم ينهَ عن المنكر )000

وفاته
وحين بلوغه الثانية والسبعين من عمره المبارك ، وإذ هو في مُصلاّه ، يتضرع الى ربه ، ويسبح بحمده ، دُعيَ الى رحلة الأبد ، فذهبت روحه تسعى وتطير الى لقاء الأحبة ، توفي عبد الله بن عمرو بن العاص ليالي الحرّة سنة ( 63 هـ) من شهر ذي الحجة000
منقول
عادل التونى
عادل التونى
المدير
المدير

ذكر
عدد الرسائل : 1983
العمر : 64
تاريخ التسجيل : 22/03/2008

https://sanabel.ahladalil.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى