ســـــــــــنابل مــــنتدى الزراعـــــــــيين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

رسالة من طفل معاق

اذهب الى الأسفل

رسالة من طفل معاق Empty رسالة من طفل معاق

مُساهمة  عادل التونى الثلاثاء يوليو 15, 2008 9:11 pm

رسالة من طفل معاق إلى والدته


أمي الغالية...

حين ألتحق بالمدرسة سيكون اسمك أول ما يخطه قلمي، ووجهك الباسم أول ما يطل على كراسة رسمي، وحين أكبر وأعمل سيشتري لك راتبي الأول هدية عيدك.
حين كان الآخرون ينادونني معاقاً ويسخرون من قدراتي، كان قلبك الكبير هو أول من يحتضنني، كانت تتعثر خطواتي الأولى ويدك الحنونة أول من يساندني، كم ضاعت حروفٌ وكلماتٌ من لساني وعاشت في عالم الصمت لغتي، إلا أن اسمك ظلت تردده كل حواسي وجوارحي، قولي لي هل يكون معاقاً من كان له أم مثلك؟ وهل يظل عاجزاً من تحتضنه كفاكِ؟!.
إن سرقت الاعاقة نطقي فيكفيني حرفان هما اسمك يؤلفان كل مفردات لغتي، وإن عجزت عيناي عن رؤية ما حولي فيكفيني صورتك المحفورة في مخيلتي والشمس الساطعة من نور وجهك، وإن عجزت قدماي وعكازي عن حملي، وكرسيي عن الصعود إلى مستوى رقة كلماتك، فيكفيني أن أتنقل في عالمك الشاسع الذي يمتد بين كفيك وقلبك، وإن عجزت الأصوات عن اقتحام مسامعي فيكفيني صوتاً واحداً ينساب من حنجرتك ليغني لي قبل النوم ويهدهد على سريري المتأرجح في بحر هواكِ.


أمي.. أنا لم أعرف أعياداً غيرك ولا فرحاً سوى ابتسامة مرسومة على شفتيك، لا أعرف جنة سوى تحت قدميك، خذيني إلى عالمك ودثريني بنبضات قلبك وزفير سهرك على راحة ليلي ونهاري.

كان بودي أن أستطيع مسح دمعتك الخجولة التي انسابت من مقلتك حين أخبرك الطبيب بأني معاق، لكن يدي كانت ترتعش خجلاً من إيمانك العميق بقدراتي، حينها رأيت الاصرار في عينيك على مواصلة الطريق، وقد سخرك الله قدراً لي يمنحني الحياة من جديد مع كل نبضة في قلبك.
ليتني أقدر على رد جزء من نومك الذي سلبته معاناتي، لا أعرف من كان يعاني فينا؟ أنا الذي ولدت مختلفاً عن الآخرين فعوضني الله بأم هي كل حواسي وعالمي، أم أنت التي تحملت أعباء هذا الاختلاف وجاهدت لكي يكون لي حق العيش بكرامة بين أقراني.

حين علمتني معلمتي الأحرف كان الألف والميم هما أول ما حفظت، وحين علمتني الأعداد كان الأول إلهي الذي أتضرع له بالدعاء لك، والعدد الثاني هو أنت التي اقترنت طاعته برضاك عليّ، وحين علمتني ألوان الحياة رأيت خطوطها ترتسم في ملامح وجهك وجسدك، كان الأحمر في حنان قلبك، والأخضر في خطوات دربك، والأزرق في بحر عينيك وفي سمائك التي خيم صفاؤها على عالمي.

أمي.. لم أشعر معك بأنني عاجز طوال حياتي، إلا أنني في هذه اللحظات عاجز عن شكرك لجميل صنيعك، ولا أملك أن أقدم لك سوى قبلتين وبسمة، فهما هديتك الأولى لي يوم ميلادي.
عادل التونى
عادل التونى
المدير
المدير

ذكر
عدد الرسائل : 1983
العمر : 64
تاريخ التسجيل : 22/03/2008

https://sanabel.ahladalil.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى